الأحد، 5 سبتمبر 2010

سامحك الله يا امى




جار الساقيه فى العصريه-------- نحكى حكاوى
والافراح هتملى الناحيه -------- ويا غناوى
مشتاقين يا ناس لبلاد الدهب

جلست بعد صلاة العصر بجوار الساقيه اتابع الاطفال وهم يمرحون من حولى ثم لا أدرى لماذا وجدت نفسى ارددهذا المقطع من اغنية الراحل احمد منيب فترحمت على ذلك الفنان النوبى الاصيل الذى عاش يحلم بالعوده الى ربوع النوبه على ضفاف النيل وشاء القدر ان يرحل عن دنيانا قبل تحقيق الحلم فسالت الله له الرحمه وحمد الله ان كتب لى ان اعيش تحقيق ذلك الحلم .ثم مضت بى الذاكره فى ذكريات تحقيق ذلك الحلم الذى حلم به الاباء والاجداد منذ اول يوم من ايام التهجير القسرى والاجبارى فى ستينات القرن الماضى وتذكرت مقدار ما قاسوا وهم يشاهدون قبور اجدادهم ومراتع صباهم وهى تغرق من اجل بناء السد وكانوا يواسون انفسهم بانهم ما ضحوا بارض الاجداد الا من اجل ان يعم الخير والتنميه كافة ربوع مصر وكان يحدهم الامل ان يجدو فى مهجرهم ما وعدتهم به ابواق النظام الحاكم من خير وتنميه وكيف لا وقد زارهم رأس النظام وزعيم الامه . .ثم كم قاسوا وندموا اشد الندم بعد ان تخلت عنهم الدوله واكتشفوا ان تضحيا تهم ذهبت ادراج الرياح وان الدوله بعد ان هجرتهم لم تقدم لهم الا السراب . ثم تقدمت بى الذكريات وتذكرت كل محاولة ابناء النوبه الشرفاء من اجل العوده وكم جاهدوا وطرقوا كافة الابواب والسبل طوال ما يربو عن الخمس والاربعون عاما ثم كيف تهيئة لهم تلك العوده .وتبسمت عند تلك النقطه متذكرآ ايامنا الاولى هنا فى ارض الاجداد وكيف قاسينا وتعبنا نحن ممن ولدنا فى مدن الشتات لنتحول الى مزارعين وكم كنا فرحين بما نعانى لأيماننا باننا نضع اللبنه الاولى من اجل تحقيق الحلم . وهاهو الحلم قد تحقق ومرت السنوات واثمرت الارض الطيبه واصبح حصاد ما نزرع يكفى ويفيض ويغطى جزء لا بأ س به من العجز فى المحاصيل الزراعيه بكافة انحاء مصر وكأن هذه الارض الطيبه ارادت ان تثبت ان الخير والنماء لا يتحقق ألابوجد ابنائها بها .وها انا ألان اجلس فى روبى اجدادى ومن حولى ابنائى .
وانتبهت فجاءه فقد اخذتنى الذكريات فلم انتبه للاطفال وسهوت عنهم فأين ذهبوا هؤلاء الاشقياء فطمأنت نفسى بانه لايوجد شئ اخشى عليهم منه لعلهم ذهبوا الى امى فهم يأنسوا بالجلوس معها ويستمتعون بما تروى لهم من قصص وحكايات طفولتها فى البلد القديمه قبل بناء السد او لعلهم ذهبوا الى بيت اخى ليلعبوا مع ابنائه او ذهبوا للعب مع اياً من ابناء القريه كعادتهم فهم لا يكفون عن اللعب والمرح فى كافة انحاء القريه امنين مطمئنين ولم لا وقريتنا لاوجود للغرباء بها فكل اهل القريه هم من الاقارب والحمد لله ولكن مع ذلك استبد بى شعور غريب بالقلق لا اعرف سببه فقررت ان انهض من مجلسى لابحث عنهم لعلى ابدد ما يساورنى من قلق .
وبينما انا سائر بين الحقول سمعت صوتا خافتا ينادى باسمى فنلفت بحثا عن مصدر الصوت وفنزلقت قدمى ووقعت ثم احسست بشئ لا اراه يجذبنى بشده وكانى سقطت فى رمال متحركه فحاولة التشبث باى شئ على امل مقاومة ما يجذبنى الى اسفل واحسست وكأن الارض تحاول ابتلاعى ثم فجأه اذا بالصوت الذى ينادينى يعلو ويتضح وخيل الى انه صوت امى فقلت ممنيا نفسى عساها امى تعمد الى مكانى فتاتى لى بالنجده فحاولت ان انادى عليها ولكن لم اقوى وكان لسانى قد شل واظلمت الدنيا من حولى فلم اعد ارى اى شئ من حولى ولكن اكثر ما هالنى انه كلما اقترب صوت امى كلما زادت قوة الشئ الذى يجذبنى وزادت الظلمه من حولى ثم فجأه فتحت عينى لاجد نفسى نائما على سرير وامى تجلس بجوارى وحينما رأتنى انظر اليها صاحت باسمه (ماكل هذا النوم يا ولدى لقد اجهدتنى ساذهب لأعد لك الشاى فلا تعد الى النوم حتى لا تتاخر ( وخرجت من الحجره فاندهشت وجلست على طرف ذاك السرير واخذت احملق فيما حولى مندهشا !!! وفجأه انتبهت فانا فى بيتنا نعم فى البيت ولكن لا لاما هذا فانا الان فى بيتنا ولكن للأسف بالقاهره وما مر بى لم يكن ألا حلم فتحسرة ووجد نفسى اجهش فى البكاء اسفا وحسرتا على هذا الحلم الذى كنت به واخذت ابكى بكل جوانحى مرددا سامحك الله يا امى لم ايقظتنى من ذاك الحلم ؟ لماذا كنت انت القوى التى جذبتنى مما كنت به من نعيم سامحك الله ---------سامحك الله----------سامحك الله.

------------------------------------------------
والان ايها الساده فلنترك هذا البائس المسكين لعله يقدر ان يجمع شتات نفسه ويستعيد رباط جاشه حتى يستطيع الذهاب الى عمله.
ولكن يبقى لنا سؤال ملح هل من الممكن تحقيق حلم ذلك المسكين قبل ان تضل به الخطى ويتوه فى طرقات هذه المدينه القاسيه التى ما سميت قاهره ألا لقهرها لأحلام من شاء حظه العسر ان يكون من قاطنيها؟
حقا هل من الممكن ان يتحقق ذلك الحلم؟
ذاك هو السوأل الصعب


ابن النوبه
القاهره فى
25-12-2009

ليست هناك تعليقات: