الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

محى الدين صالح (صناجة النوبه)

الأستاذ محى الدين صالح هو أحد الشعراء النوبيين الذين أسهموا بقصائدهم في إذكاء شعلة حب النوبة في النفوس، وبعث واستنهاض الهمم للمطالبة بحقوقها وحقوق أبنائها، واستثارة الحماس في الأجيال القادمة لإعادة مجدها الغائب.
- وهو أكثر من تحدث من شعراء هذا العصر عن قضية بلاده (بلاد النوبة)، وجند الكثير من أشعاره للحديث عن النوبة وحقوقها وحقوق أبنائها وأرخ للعديد من انجازاتها، ومناسباتها، ورثى أعلامها وروادها، فاستحق أن يكون صناجة النوبة المغرد بعد أن صار صوتاً من الأصوات العذبة التي تنادي بحب الوطن وتتغنى به.
- أطلق الشاعر الكبير إبراهيم شعراوي على الشاعر محيي الدين صالح (صناجة النوبة)، وكتب قصيدة له باسم صناجة النوبة المغرد مطلعها: صناجتنا يا طير يعلمك الإنشاد على الفنن".
- امتلأت أشعاره بروح التجديد والبساطة في التعبير والتميز بالصدق، ويتحلى شعره بالقيم الدينية التي يدعو إليها ديننا الحنيف، ويعد الشاعر من الشعراء الإسلاميين.
- ولد الشاعر محيي الدين حسن صالح في العاشر من ديسمبر عام 1951م في قرية قسطل، وتعد هذه القرية من أغنى قرى بلاد النوبة مادياً وحضارياً، ولعلها أثقلت أبنائها بثرائها المادي والحضاري وأورثتهم حبها وعراقتها. نسب الأسرة يمتد إلى عائلة كبيرة في النوبة هي عائلة آل موسى، التي اشتهرت بالعلم والزهد، لذا كان أغلب الخطباء والوعاظ وأصحاب المكانة الدينية منها، ولا غرو أن يكون لنشأة الشاعر في أسرة عريقة في شئون الدين أثر في تكوينه الفكري.
- بدأ حياته بحفظ القرآن الكريم كعادة أبناء قريته، في كُتاب الشيخ محمد جبر، ثم مرّ بمراحل التعليم المختلفة، فأمضى المرحلة الابتدائية في مدرسة "قسطل الابتدائية"، ثم المرحلة الإعدادية في مدرستي أرمنا وبلانة، ثم التحق بمدرسة أسوان الثانوية التجارية، ثم انتسب إلى كلية التجارة بجامعة عين شمس، وكان وقتذاك قد شعر بميوله الأدبية فحاول الانضمام إلى تلامذة العقاد وطه حسين فالتحق بمدرسة صلاح الباقر الثانوية بنصر النوبة ليدرس في كلية الآداب، لكن القدر حال دون ذلك، فقد جُند عام 1971م وتوقف عن الدراسة، وسار في حياته في خطين متوازيين، الأول خط دراسته وعمله، والثاني خط هوايته وميوله الأدبية. أما عمله، فقد عين في مرفق مياه القاهرة الكبرى، ثم اتجه للعمل في القطاع الخاص، ثم تزوج وأنجب أبناءه الأربعة، وظل يتنقل في أعمال عديدة ومنها عمله كخطيب في مسجد توشكى، واعتمد خطيباً فيه، وآخرها عمله كمراجع لغوي في إحدى دور النشر.
- كان أبوه عذب الصوت، يجيد قصائد المدائح النبوية، وكان طفله الصغير شديد الولع بصوته وأناشيده، فظل يحرص على حضور الاحتفالات الدينية ومجالس الذكر معه، ليستمع إليه ويمتع أذنه وقلبه بتلك الكلمات والأنغام الساحرة العذبة. وإذا كان الأدب هو "حث الناس على المحامد ونهيهم عن المقابح واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً، فقد نشأ الشاعر تنشئة أدبية على يده والده حيث تهذبت روحه، وصفت نفسه، وارتقت في مشاعرها وبالتالي في أشعارها.
- كان حب القراءة وعشقها أحد أدوات الشاعر التي استطاع بها أن يواكب الثقافات المتنوعة والمواهب المتعددة، ويمتلك الخبرة التي يتسلح بها كل دارس جاد، فقد كان الشاعر في مهده يقرأ في شتى الفنون والآداب والعلوم، وعندما امتلك ناصيته الثقافية وشعر بميوله الأدبية اتجه صوب الأدب، وأخذ يتابع كُتابه أمثال محمد حسين هيكل وعبد الحميد جودة السحار وكثيرين، خاصة وأن هذه الفترة في الخمسينات وما بعدها كانت من أثرى المراحل الأدبية في العصر الحديث.
- استطاع في العشرينات من عمره أن يكتب في صحيفة أسوان في صفحة الأدب، وبدأ مشوار نتاجه الأدبي بتنقيح أشعار، وبعثها إلى شتى الصحف والمجلات، وصار أحد أعضاء جماعة أدباء أسوان بقصر الثقافة.
- اتجه لكتابة المقالات في شتى المجالات الأدبية والدينية والسياسية والقومية المتعلقة بالحديث عن النوبة وحقوقها.
- قدم إلى القاهرة عام 1995، وأشعل الحماس في قلوب الأدباء من أبناء النوبة المقيمين بالقاهرة، فشجع بعضهم على إصدار بعض الأعمال ككتاب (شريط الذكريات) للأستاذ عبد الوهاب خليل، وأصدر الشاعر بعض الدواوين والكتب والروايات لكتاب آخرين، مثل ديوان (أبطال الكلمة) وديوان (ماذا يقول أبو عني) للشاعر إبراهيم شعراوي، وديوان (على شواطئ القمر) للشاعر عبد الدايم طه، وأعاد طبع مجموعة قصصية بعنوان (خور رحمة) للأديب حسن نور.
- عشق الشاعر السير في دروب الأدب، فاشترك في كثير من الجماعات والأندية والروابط الأدبية بالقاهرة كجماعة (الفجر)، وجماعة (أحمد شوقي)، والنادي النوبي الثقافي، ومنتدى المثقف العربي، واتحاد الكتاب، ورابطة الأدب الإسلامي العالمية.
- للشاعر كثير من النتاج الأدبي شعراً ونثراً، كما شارك في الكثير من المؤتمرات، بأبحاث لاقت نجاحاً مثل المؤتمر الدولي للأدب الإسلامي بجامعة الأزهر عام 1999م ببحث عنوان : الأدب الإسلامي وأثره في الدعوة، وفي مؤتمر الجامعات الإسلامية ببورسعيد ببحث عنوان: الثقافة الإسلامية وإسقاطات العولمة، وفي مؤتمر رابطة الأدب الإسلامي العالمية في المركز الكشفي العربي الدولي بالقاهرة عام 2002 ببحث عنوان: الزمان والمكان في الأدب الإسلامي.

المرجع: محيي الدين صالح حياته وشعره، رسالة ماجستير غير منشورة، الباحثة ريهام صبحي محمود، كلية الدراسات الإسلامية والعربية، جامعة الأزهر، 2006-2007

وإذا كان للعرب لامية مشهورة في الفخر بهم ، وللفرس لامية كذلك ، فإن محيي الدين صالح جعل لأهل النوبة ॥ لامية تعرف بهم وبثقافتهم وقضاياهم الحياتية। وفيها يشير شاعرنا الكبير إلى صندوق ذكرياته عندما رحل عن النوبة إلى القاهرة شمالاً ، فعاش فيها ، وانخرط في سلك الحياة ، لكنه حن لماضيه السعيد ولمشكلات نفسه وأهله ।


لامية النوبة
محي الدين صالح

تلاعبت الأيام بي, والنوازل
وأدمت فؤادي الذكريات القواتلُ
وطفت بذكرى (هجرة النوبة ) التي
تلاحقني منها الأسى والمشاكلُ
وأطرقت رأسي ساخطاً لسذاجتي
وضعفي.. وما أجراه فينا التفاؤلُ
فسالت دموعي حسرة وندامة
فكفكف عن عيني الدموع (التكاملُ)
حنانيك يا نيلا.. غمرت بلادنا
كسيل طغى.. فانهار منه المنازلُ
أتسلمنا يا نيلُ!! أم هان ودنا
فغاصت بقاع النهر (حلفا) و (قسطلُ)
وأغرقت يا أرض النخيل.. وأين ما
نقدمه للضيف حين نجاملُ ?
ألاليت قومي أمهلوا وتريثوا
وليت ولاة الأمر.. صانوا.. وماطلوا
وليت.. وما جدوى وليت!! فقد مضوا
وخابت مرامينا.. فبئس التساهلُ
وغادرت أرضي محبطاً.. متشائماً
أسائل نفسي.. أين ترجى الفضائل ?
حنانيك يا نهراً.. أُضيع جواره
وغرر فيه الأهل ظلماً. ليرحلوا
أعدلٌ.. يُوارى إرث أجدادنا هنا
ويُهجر درب سار فيه الأوائلُ ?
تذكرت أجدادي الذين يضمهم
تراب بلاد عطرتها الشمائلُ
هنالك أشخاص يخلد ذكرهم
وحكمتهم سارت عليها المحافلُ
فلقمان منا.. وهو من سادة الحجى
وكم من وجيه.. وهو في الناس جاهلُ
ومنا (بلال) و (النجاشي).. كلهم
رجال تقى.. حقاً. فمن ذا يجادلُ ?
كذلك (ترهاقا) وها هو صرحه
تراث أمام العين كالطود ماثلُ
فحقاً همو كانوا عمالقة الدنا
وما كان في أوساطهم متخاذلُ
وما كان منهم من أقام صلاته
مكاء.. وتصدية.. يطوف ويرملُ
وسموا (رماة الحدق) عند نضالهم
وسل عنهم (ابن السرح) وهو يعلل
خذلناك يا أرض العمالقة الألى
أقاموا صروحاً.. هدمتها المعاولُ
تهاوت نخيل كان يرجى بقاؤها
قروناً.. فماتت.. شيعتها الفسائلُ
وغاضت سواقيها..وأعواد نبتها
تبدت هشيماً.. فارقتها المناجلُ
وزالت روابيها..وزلزل دورها
وآثارها حلت بهن المهازلُ
وأغفل ماضيها.. فضاع رجاؤنا
وتباً.. لما آلت إليه البدائلُ
حنانيك يا أرض الجدود.. وليتني
ألوذ بماض.. لم يعد منه طائلُ
عزائي لقومي.. مابقيت.. ومابقوا
ليعلم أني ما سلوت.. وما سلوا
ويا قارىء الأبيات.. عفوك..إنني
أساقيك كأس المر.. لا أتجملُ
ورحماك يا رباه.. إني بهجرتي
رضيت.. ولكني للطفك سائلُ

هناك 4 تعليقات:

almagaraby يقول...

إرفعوا أكف الضراعة معى بالدعاء للأخ الفاضل والأستاذ الكبير / محيى الدين حسن صالح .. أن يشفه الله ويعافه مما هو فيه الآن من معاناة المرض ..
وأن يجعل ما يقاسيه من آلامٍ فى ميزان حسناته ..
اللهم آمين ..
دهب المجرابى ..
أسوان ..
عنيبة الخير ..

almagaraby يقول...

إرفعوا أكف الضراعة معى بالدعاء للأخ الفاضل والأستاذ الكبير / محيى الدين حسن صالح .. أن يشفه الله ويعافه مما هو فيه الآن من معاناة المرض ..
وأن يجعل ما يقاسيه من آلامٍ فى ميزان حسناته ..
اللهم آمين ..
دهب المجرابى ..
أسوان ..
عنيبة الخير ..

almagaraby يقول...

إرفعوا أكف الضراعة معى بالدعاء للأخ الفاضل والأستاذ الكبير / محيى الدين حسن صالح .. أن يشفه الله ويعافه مما هو فيه الآن من معاناة المرض ..
وأن يجعل ما يقاسيه من آلامٍ فى ميزان حسناته ..
اللهم آمين ..
دهب المجرابى ..
أسوان ..
عنيبة الخير ..

غير معرف يقول...

اللهم اشفية واشفى مرضانا كما كان يدعو على الممبر